ذات ليلة ممطرة،
قبل أن تبكي لنا السحب، و تغسل اجسادنا من الذنوب والخطايا، و تحمل من عليها الهموم المتثاقله، قبل ان يضئ البرق السماء، و يتسلل بين الفراغات،
قبل أن يدوي الرعد، و يصرخ كصراخ طفل خرج الان من بطن امه المتهالكة،
قبل كل ذلك، عندما بدأت الشمس تتوارى خوفاً خلف السحب، و بدأت الرياح تهب، و تدب الحياة في الاشجار التي كانت تقف كانها رسم ثلاثي الأبعاد ،
عندما تسللت رائحة الدعاش الي انفي و لفح النسيم جسدي، وقتها انتفض قلبي، كل الشعيرات الصغيرة انتصبت، تحرك الدم بصورة جنونية، و انتفخ صدري بذلك النسيم البارد،
في تلك اللحظة، كل شيء من حولي ذكرني بها ،
اخذت متصلا بها،
رن هاتفها، اخذت مجيبة بسرعة،
" الو! حبيبي! كيف حالك؟ "
لم تتحرك شفتاي بكلمة، فالشوق لها اكثر من ان تتفوه بكلمة،
و مازال الخط يعمل،
" الوووو! حبي! وينك؟! "
صوتها اقتحم كل وريد، شريان، مسام، ملأ كل الفراغات بداخل جسدي، ملئها عشق و هيام،
و هي تنادي!
" يااا الله ! رد علي فشنووو! والله اقفل الخط! "
اجبت و كلي لهفة للقائها،
" مساء الخير حبيبتي! كيف حالك! انت عارفه الجو ده جو شنو؟ و شكلو المطره جايه! "
اجابت " اي والله جو سمك! "
قاطعتها " سمك في عينك، جنك اكل! ده جو مفروض نكون فيو مع بعض لكن الطلعه صعبه..... "
و ظللنا نتحدث قرابة الساعة، حتي نزل المطر و ذهب كل واحد منا ليدخل المراتب و تلك الملابس المعلقة على حبل الغسيل،
و استمر المطر ساعات،
و اتصلت على قبل أن تنام " مساء النور حبيبو! اها كيف مع الجغمسه دي! "
اجبت " اهلين عيونو و الله بخيير الحمدلله، فتحت المجاري و نضفت الخور البرا و هسه غيرت هدومي وقعدت، وانت كيفك؟ "
و استمر الحديث لاكثر من ساعة، فالوقت معها يمضي بسرعه البرق الذي يزين السماء الان،
تتحدث معي كانها تقف امامي، تتراقص طربا علي وقع انغام كلماتي، تتمايل، و تطلق شعرها الاسود الطويل في الهواء، ليرقص معها، تحرك رأسها ليسقط شعرها علي وجهي، تقترب مني حتي يغطيني، و تهرب مني مجددا، اراقبها بكل هدوء، و اقف لمشاركتها الرقص امسك يديها الناعمتين، واضمها لصدري ، و نرقص حتي تتساقط الاشياء من حولنا، و نفضل انا وهي و الفضاء،
تقاطعني " قلبو انا نعست ممكن اسمع اغنيه ما قبل النوم؟ "
لديها اغنية مفضلة كانت تغنيها لها والدتها منذ ان كانت صغيرة و لا تنام الا وهي تسمعها،،
اجبت " اكيد يا ستو يلا غمضي عيونك و اسمعي،،
لي قطة صغيرة سميتها سميرة
تنام في الليل معي و تلعب في اصابعي..
بذيلها الطويل وشعرها الجميل ..
و دائما احبها ولا اريد ضربها.. "
.
ثم اقفل الخط و ادع طفلتي تنعم بنوم هادئ ، اضع هاتفي جانباً ثم انام .
.
تمت
.
.
محمد طارق | زول درويش.
الاثنين، 31 أغسطس 2015
ذات ليلة ممطرة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق