#الهاربين_من_الواقع..
.
حين ذهجة عند إرتفاع الضجيج في موقع العمل، صوت الطرق علي الحديد، ماكينات القطع، ضجة العمال، توجهت لبائعة الشاي التي تجلس بالقرب من المبنى الذي أعمل به،
ذهبت كي أرخي أعصابي و أرح بالي قليلاً،
جلست هنالك في ذلك الفناء أخذت مقعدً عند ظل الشجرة الوريف، بعد أن طلبت كوب شاي بالنعناع، إتكئت علي الجدار الذي خلفي،
و بينما انا أنتظر صرت أتجول بنظري علي وجوه الأشخاص الذين يجلسون من حولي ..
علي يميني امرأة و رجل يبدو انهما زميلان في العمل، يحكي لها عن إبنه الذي إحتاله عندما طلب منه مبلغ لشراء تذاكر سفر و زاد عليها مبلغ 200 جنيه، فيضحك الوالد ضحكة انتصار، ثم يغير مجرى الحديث..
هنالك علي الناحية الشرقيه من المكان يوجد فتى اورنيش يضع أمامه سلة صغيرة بها اداوته، فرشاة و منظفة و علبة لماع صغيرة، ينظف لسيدة ترتدي "توب" أبيض يبدو أنها موظفه حكومية، و هي تتحدث في الهاتف مع صديقتها تحدثت مطولاً لم أستطع قراءة شفتيها، ولكن يبدو انهما تتحدثان عن "صرفة" فهؤلاء الموظفات يعشقن "الصرفات" ..
.
قاطعتني الخالة بوضعها كوب الشاي أمامي، فأخذت ارتشف منه قليلاً ، و ضعت الكوب، لتخف حرارته قليلاً فعادةً لا أشرب الشاي حارً، حينها رجعت مرة أخرى أتجول بنظري حول المكان ..
.
هنالك شاب يعمل في ماكينة تصوير يتوجه اليه رجل يرتدي بذلة رسمية، يبدو أنه رجل أعمال له صيت و يتبعه سائقه الذي يتملقه منذ دخولهم ذلك الفناء، يحادث الشاب و يلقي عليه الدعابات حتى تعالت ضحكاتهما ، لا أعلم لماذا رجال الأعمال هنا يرتدون بذلات غير مرتبه او تبدو قديمة و ألوانها غير متناسقة ، في بعض الأحيان أشعر بأنه لم نخلق لنرتدي هذه البذلات..
في الناحية الأخرى فتاتان تتحدثان عن صديقتهما القبيحة التي تزوجت من شاب وسيم، تشمتان منها و يبدو الحسد علي نظراتهما، أشحت بنظري بعيداً عنهما لطالما كرهت سطحية هؤلاء الفتيات اللاتي يعتقدن أن الحياة هي رجل وسيم و ثري ..
أسفل تلك الشجرة شباب يجلسون سوياً في شكل حلقة يتجاذبون أطراف الحديث، وترتفع قفشاتهم بين الفينة والأخرى متناسين ضغوط الدراسة وما بعدها ..
علي يساري يجلس رجل في الأربعينات له لحية طويلة، أخرج هاتفه متصلاً علي شخص، وعندما أجابه ذلك الشخص بدأ الحديث ضاحكاً " سلام عليكم باش مهندس.. كيف حالك؟ تعرف ضرب لي بكري من السعوديه قال لي افتح الفيس بتاعك شكلو اتهكر فيو صور فاضحه نازله.. ياخي دي المره التانيه تحصل لي.. ولدي قال لي اعمل و سوي لكن برضو ما نفع... "
حينها ضحكت بداخلي و عدت إلى كوبي و أدركت أنهم مثلي، هناك شئ مشترك بيننا،
هاربين من الواقع، محملين بالهموم الثقيلة، يخففون و يرفهون عن أنفسهم بهذه الأحاديث و الجلسات الودية ..
.
.
محمد طارق | زول درويش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق